الأحد، 12 سبتمبر 2010

وتبعثر الفرح



لم تكن أجواء اليوم تشي بما كان سيحدث ، غير أن اروحي كانت بعيدة على غير العادة ...
 أحتضنتني عمتي وقالت : " ما عاجبتني اليوم ، ليش ساكتة ؟ "
" ماشي حبيبتي "
" حميتي جات عندي اليوم وذكرتش ، قالت انش واجد حبوبة ، قريت لك كم مقال في الجريدة "
" شكرا جزيلا عموه ، سلمي عليها واجد "
وخرجت بمصت ..
ملاك كانت الشمعة الوحيدة التي تبعث النور في أغوار نفسي المظلمة، وتبهج أحد زوايا روحي القصية ،  ملاغاتها وحروفها البريئة كانت نافذة أطل منها للنجوم المبعثرة في سماء سمائل.
 المرور بسوق المدرة يثير في نفسي الكثير من الذكريات التي بدأت بالتلاشي ، كنا في زمن مضى نقصده أيام الأعياد ، لأنه أبعد مكان يمكن الوصول إليه ، فمسقط كانت حلما من احلام الطفولة وكانت عيدا آخر ...
نامت ملاك ، ونامت معها النجوم ، ونام الفرح ...
إلى اليمين كانت إمطي تنتظرنا بدفئها ، هناك ، لا يستطيع الظلام طمس الجبال ، فتبدوا كمردة يسجدون للنخيل الممتدة أمامهم ، أو كأشرعة لفلك من نخيل ..
في بيت خالتي ، كان الجميع متحلقون حول النار لشي المشاكيك ، كنت أمد كف يدي الملتفة حول ملاك النائمة في حضني لمصافحة الجميع...
ودلفت إلى الداخل للسلام على الأمهات الجالسات بصحبة أطفالهن الرضع هناك ..
كان كل شيء لا يزال هادئها وطبيعيا حين دخل ولد خالتي الأكبر ، ولبس دشداشته وقال بهدوء : " أنا رايح إزكي "
لكن خالتي كانت أعمق من أن يفوتها تغير طرأ على ولدها ، فقالت : " خلفان ما طبيعي ، اكيد صاير شي ، وإلا مو يوديه تو إزكي ؟! "
سمعت زوجته كلام خالتي وأطلت من الباب الذي خرج منه ، والذي كان يجلس خلفه الرجال وقالت : " ترا ما احد أبدا برا "
جفل الجميع ، وأدركنا بأن شيئا مريبا حدث ، خرجت جميع الامهات وكل واحدة تنادي اطفالها وتدعو أن لا يكون مكروها قد أصاب أحدهم ، وحين أصبحنا جميعا في الخارج ، ووسط الذهول والحيرة ، جاء ولد خالتي ، وقال لزوجة أخيه الكبير : " لبسي عباتش وخلا معانا " ، هنا انهارت الزوجة ،  وضعت رأسها بيت يديها ، وصرخت : " أي واحد من أولادي ؟ .. أرجوك خبرني مو صاير ، أنا حاسة أنه ملك أو نور"
" انتي بس تعالي "
" ما أقدر أجي إذا جد من أولادي صاير معه شي "
" ما توثقي فيني ؟ "
" اوثق "
" عجب خلا ، وأولادش كلهم بخير اطمني "
اسرعت إلى الداخل لإحضار عباءتها وهي تتمتم : " يالله ، أي واحد من أولادي ؟ ، خبروني حرام عليكم ، نور وإلا ملك ؟ "
لم يكن شيئا قد اتضح بعد ، الجميع يلفهم الذعر ، والتساؤلات تنهال من كل جانب ، إلى أن أتى أحد الأطفال وسالته : " شو صاير؟ "
" ملك دعمته سيارة وشلوه المستشفى "
تحركت السيارات ، وذهبت الأم والجدة والخالة ، وكذا الأب والخال إلى المستشفى ، ولحق بهم بعض الأهل
والكل يستاءل في ذهول ، ماذا حدث لعبد الملك ؟؟...
هكذا تبعثر الفرح ..
                                                                                
طفول زهر ان  
13\9\2010                      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق